قضايا النصب والاحتيال
ازدادت في الفترة الماضية جرائم النصب والاحتيال، وكان ذلك نتيجة للبساطة والسذاجة التي يتحلى بها البعض فيستغلها أصحاب النفوس الشريرة، حتى أصبحت جرائم النصب والاحتيال في واقعنا المعاصر تحتل موقعاً متقدماً في مصاف الجرائم الخطيرة التي يعاني منها المجتمع.
وتتفق جريمة النصب والاحتيال مع غيرها من الجرائم في أنها تتطلب تمويه وخداع وتغرير، مما جعل آثار تلك الجريمة كبيرة على المجتمع من كافة النواحي الاجتماعية والاقتصادية والتنظيمية، بل وتنال من الفرد والمؤسسة.
وفيما يلي سنتناول تعريف جريمة النصب، ثم جريمة الاحتيال، ثم التطرق لأركانها بالتفصيل، وأخيراً أهم ما جاء بشأن تلك الجريمة في نظام مكافحة الاحتيال المالي وخيانة الأمانة :

أولاً: تعريف جريمة والنصب والاحتيال
النصب هو : الاستيلاء على شيء مملوك، بطريقة احتيالية بقصد تلك هذا الشيء، أو الاستيلاء على مال الغير بطريقة الحيلة نيته تملكه، أو الاستيلاء على مال منقول مملوك للغير، بناء على الاحتيال بنية تملكه، والشخص الذي يُمارس ذلك يُسمى النصاب، أو الدجال، أو المحتال.
أما الاحتيال فهو : فعل ادعائي كاذب معزز بمظاهر خارجية يمارسها المحتال لكي يتم له الاستيلاء على مال الغير.
ثانياً: أركان جريمة النصب والاحتيال
فيلزم لقيام الجريمة توافر أربعة أركان :
وهي على الترتيب ما يلي :
1- وقوع فعل مادي وهو الاحتيال وبطرق محددة.
2- الاستيلاء على نقود أو سندات أو أي متاع منقول.
3- قيام علاقة أو رابطة سببية بين ما سبق ذكره.
4- وجود نية أو قصد جنائي (ركن معنوي).
الركن الأول : الركن المادي وهو فعل الاحتيال
الركن المادي هو الاستيلاء بطريق الاحتيال أو الخداع على مال أو ثروة مملوكة للغير أو بعضها، وذلك عن طريق إيهام الناس بوجود مشروع كاذب أو واقعة مزورة، أو إحداث أمل بوقوع ربح وهمي، ولابد من تحقق فعل الاحتيال والنتيجة وهي تسليم المال وعلاقة السببية بين فعل الخداع والنتيجة.
فيُمكن تعريف الركن المادي لجريمة الاحتيال أنها استخدام الجاني احدى الوسائل الخداعية تجاه المجني عليه ليحمله على تسليم ماله أو مال غيره بغير وجه حق، ويسلمه المال نتيجة استخدام تلك الوسائل الخداعية.
النصب يُطلق عليه أحياناً بالتدليس الجنائي فمن غير الممكن أن يكون مجرد أكاذيب، بل يستلزم الأمر نص قانوني واضح حتى تدخل أكاذيب الجاني في دارة الاحتيال المُعاقب عليه وبالتالي تستوجب العقوبة الجنائية، وذلك بشرط أن تكون على درجة كبيرة من الخطورة يتعين أن تتخذ مظهراً واحداً من المظاهر الآتية :
– أن تكون مدعومة بمظاهر خارجية أو أفعال مادية، وهو ما يُمكن أن يُطلق عليه بالطُرق الاحتيالية.
– ولتلك الأكاذيب نطاق خاص وهو الصرف في مال ثابت أو مال منقول لا تعود ملكيته للجاني، كما أنه لا حق له في التصرف فيه.
– اتخاذ اسم كاذب أو صفة غير صحيحة.
والطرق الثلاثة السابقة هي التي ينبغي أن يقع بإحداها فعل الاحتيال، فإذا لم تقع أي منها فلا نكون أمام جريمة احتيال.
ويقوم الاحتيال على الغش والخديعة، والغش قوامه الكذب، وهو تغيير الحقيقة بجعل واقعة كاذبة في صورة واقعة صحيحة، بهدف إيقاع المجني عليه بالغلط ليقوم بتسليم ماله للجاني، إذ تنشأ لديه – أي لدى المجني عليه – عقيدة وهمية بصحة الكذب، وبأن هذا الكذب مطابق للحقيقة، فتنطلي عليه الحيلة أو الخديعة، ويقع فريسة للمحتال ويتصرف تحت تأثير هذه الخديعة على أساس أن تصرفه في صالحه بينما هو ضار به.
يتعين أن تكون أساليب الطُرق الاحتيالية منصبة على واقعة، ويُراد بالواقعة حادثة أو حالة تنتمي إلى الماضي أو الحاضر، ومؤدى ذلك أن الكذب وصف يُطلق على السلوك المتعلق بالواقعة ولا يُطلق على الواقعة بذاتها، إذ أن الواقعة باعتبارها وجوداً موضوعياً لا يتصور إلا أن تكون حقيقية ويتعين أن تكون الواقعة ماضياً أو حالاً، أما الواقعة المستقبلية فيتصور أن تكون موضوعاً للكذب، سواء أكانت الواقعة مادية أي خارجية بالنسبة للشخص المتهم أو أن تكون نفسية داخلية، فكما يتحقق التدليس بادعاء شخص بوجود مشروع ليس لهفي الحقيقة وجود، فهو يتحقق كذلك في كلام شخص أنه عازم على سداد دينه أو على استثمار ماله في مشروع معين إذا لم يكن لهذا العزم وجود .
وسنتناول الطرق الثلاثة التي تحدثنا عنها تفصيلاً فيما يلي :
• الطًرق الاحتيالية
الطرق الاحتيالية لها طرق مختلفة ويُمكن بوجه عام تعريفها على أنها : ” كل كذب مصحوب بوقائع خارجية أو أفعال مادية يكون من شأنها توليد الاعتقاد لدى المجني عليه بصدق هذا الكذب بما يدفعه إلى تسليم ما يُراد منه تسليمه طواعية واختياراً”.
ويُفهم من التعريف أنه يتعين ضرورة صدور كذب من الجاني بغض النظر عن الواقعة محل الكذب، والكذب كما هو معلوم هو تغيير الحقيقة، بمعنى جعل واقعة كاذبة في صورة واقعة صحيحة، ويكون ذلك بالقول أو بالإشارة أو بالكتابة.
ويتعين أن تتخذ الطرق الاحتيالية إحدى صور ثلاث وهي :
– إعداد وقائع مادية أو مظاهر خارجية.
– الاستعانة بطرف ثالث.
– إظهار الجاني صفة خاصة تعطي انطباع الثقة فيه.
فما هي أغراض الطُرق الاحتيالية ؟
يُمكن بشكل عام حصر أغراض الطُرق الاحتيالية فيما يلي :
1- الإيهام بوجود مشروع كاذب
أي الإيهام بوجود عمل ما أو مشروع يتطلب أن يشترك فيه مجموعة من الأشخاص حتى يتم إنجازه، كالإيهام بوجود صنعه ما أو تجارة بغرض الاستغلال.
2- الإيهام بوجود واقعة مزورة
والواقعة المزورة هنا تعني كل حادثة تذكر على غير حقيقتها، بما يعني اتساعها لكافة أغراض الطُرق الاحتيالية.
3- إحداث الأمل بوقوع ربح وهمي
أي إيهام المجني عليه بانه سيحقق ربحاً مادياً في فترة معينة، أو قضاء مصلحة ما ذات قيمة معينة ولو لم يكن لها عنده سوى قيمة أدبية أو اجتماعية كالتعيين في وظيفة ليس لها راتب، أو استخراج رخصة لحمل السلاح.
ويُمكن القول بشكل عام أن الطرق الاحتيالية تُعد من وسائل النصب.
4- إحداث الأمل بتسديد المبلغ الذي أُخذ بطريق الاحتيال
أي الإيهام برجوع المبلغ الذي تم الاستيلاء عليه بشكل عام سواء أكان مبلغاً من النقود أو أي سلعة من السلع الأخرى، أي إحداث الأمل بإعادة الشيء الذي أُخذ بطريق الاحتيال.
5- الإيهام بوجود سند غير صحيح أو سند مخالصة مزور
يتضمن ذلك كل ما يكون من شأنه حمل المجني عليه على الاعتقاد بوجود التزام أو تخالص غير صحيحين، ويستوي أن يكونا ثابتين بالكتابة أم لا، وأياً كان نوعهما، وسواء أكانت تنطبق عليهما نصوص التزوير أم لا تنطبق، ومن ذلك أن يقدم الجاني إلى المجني عليه سند مديونية مزوراً، أو لا يتضمن كل قيمة الدين، أو أن يقدم فاتورة مزورة، أو أن يُقدم الدائن سند تخالص عن دين آخر أو غير موقع عليه منه، ولذا حكم بانه متى قام المتهم بإيهام المجني عليه بوجود سند دين غير صحيح، بأن قدم له سنداً مزوراً بدلاً من سند صحيح كان يداينه به وبنفس قيمة السند فانخدع المجني عليه وسلمه مبلغ الدين بناء على ذلك، فإن هذا مما يتحقق به ركن الاحتيال في جريمة النصب.
• التصرف في عقار أو منقول ليس ملكاً للجاني وليس له حق التصرف فيه
التصرف هو أي التعامل بالبيع والشراء أو تقرير حقوق أصلية كالانتفاع و الارتفاق أو حقوق عينية تبيعة كالرهن الحيازي أو التأميني.
كما يتعين أن يكون التصرف يملك المال وليس له حق التصرف فيه وذلك يستلزم أن يتحقق في المتصرف شرطان معاً بحيث إذا تخلف أحدهما لا يكون هناك محل للعقاب وقتها، والشرط الأول ألا يكون مالكاً للمال والشرط الثاني ألا يكون له حق التصرف فيه.
• اتخاذ اسم كاذب أو صفة غير صحيحة
ويُقصد باتخاذ اسم كاذب أي كل اسم ينتحله الجاني غير اسمه الحقيقي وذلك بقصد حمل الغير على الاعتقاد بشكل خاطئ أنه صاحب الاسم غير الحقيقي، وينتج عن ذلك الاعتقاد حمل الغير على تصديقه ثم تسليم مالهم إليه.
أما انتحال صفة غير صحيحة فيقصد به أن ينسب المحتال لنفسه صفة تجعله محلاً لثقة المجني عليه، كادعائه أنه طبيب أو محام أو مهندس، أو انتحاله أي شهادة علمية معترف بها أو انتحال الرتب والمراكز الوظيفية سواء المدنية أو العسكرية.
الركن الثاني : الاستيلاء على نقود أو عروض أو سندات أو أي متاع منقول
تتم جريمة النصب متى صدر تسليم المال بناء على احتيال وقع من المحتال بغرض الاستيلاء على المال، فلا أهمية في النصب لما إذا كان التسليم قد تم بقصد نقل الحيازة التامة أو المؤقتة أو حتى مجرد اليد العارضة.
ولذا فإنه إذا تقدم محتال إلى صائغ، وتمكن من الاستيلاء على حلية معروضة للبيع، نتيجة مباشرته طرقاً احتيالية، أو اتخاذه اسماً كاذباً أو صفة غير صحيحة، أو عن طريق المبادلة عنها بمنقول لا يملكه ولا يملك التصرف فيه، فإن الواقعة تكون نصبا في جميع الأحوال وأياً كانت طبيعة التسليم الذي صدر من الصائغ.
وكما هو واضح فإنه يسري على المال محل النصب ما يسري المال محل السرقة من شروط وخصائص، ومن ثم فهو ينبغي أن يكون منقولاً كما يتعين أن يكون مملوكاً للغير.
الركن الثالث : رابطة السببية
يلزم في النصب أن يكون تسليم المال المنقول قد جاء نتيجة للطرق التي اتبعها الجاني، والسببية عنصر لازم في جميع الجرائم ، إلا أنها تكون أحياناً عنصراً مفترضاً لفرط اتصال الضرر المباشر الذي يعاقب عليه القانون في الجريمة بالفعل المادي، فلا تذكر بوصفها عنصراً مستقلاً فيها، وذلك كما هي الحال في جرائم التزوير والبلاغ الكاذب، وأيضاُ في الشرقة وخيانة الأمانة، حيث النتيجة التي يحظرها القانون وثيقة الصلة بالفعل الإجرامي، حتى ليقال أحياناً أن الإسناد المطلوب إثباته في هذا النوع من الجرائم مفرد لا يتطلب أكثر من إسناد الفعل المادي إلى فاعله.
الركن الرابع : القصد الجنائي
لما كانت جريمة النصب كما هو معروف جريمة عمدية ومن ثم فهو تتطلب توافر القصد الجنائي، أي انصراف إرادة الجاني لارتكاب الجرية رغم علمه بكافة أركانها، كما ان توافر هذا القص يتطلب علم الجاني بأن أفعاله وأقواله المادية كاذبه.
لكن في حال أن كان هو نفسه مخدوعاً في حقيقة الأمر في نصب كمن يقدم على تأسيس شركة لاستغلال إعادة تدوير المعادن رغم عدم وجود الإمكانيات التكنولوجية لإعادة التدوير في بلده.
ويستوي أن يكون الباعث على فعل النصب سببه حب المال أو الانتقام أو السخرية من أحد إثبات غفلته.

رابعاً: أهم ما ورد بخصوص جريمة الاحتيال في نظام مكافحة الاحتيال
وسنتناول في أهم ما ورد في نظام مكافحة الاحتيال المالي وخيانة الأمانة وذلك في عدة نقاط كما سيلي:
• العقوبة الأصلية للاحتيال :
ورد في (المادة الأولى ) من النظام ما يلي :
يعاقب بالسجن مدة لا تتجاوز (سبع) سنوات، وبغرامة مالية لا تزيد على (خمسة) ملايين ريال، أو بإحدى هاتين العقوبتين؛ كل من استولى على مال للغير دون وجه حق بارتكابه فعلاً (أو أكثر) ينطوي على استخدام أيٍّ من طرق الاحتيال، بما فيها الكذب، أو الخداع، أو الإيهام.
• العقوبة الأصلية لخيانة الأمانة :
ورد في (المادة الثانية ) من النظام ما يلي :
يعاقب بالسجن مدة لا تتجاوز (خمس) سنوات، وبغرامة مالية لا تزيد على (ثلاثة) ملايين ريال، أو بإحدى هاتين العقوبتين؛ كل من استولى دون وجه حق على مال سُلّم إليه بحكم عمله أو على ســبيل الأمانة، أو الشــراكة، أو الوديعــة، أو الإعارة، أو الإجـارة، أو الرهن، أو الوكالة، أو تصرف فيه بسوء نية، أو أحدث به ضرراً عمداً، وذلك في غير المال العام.
• عقوبة التحريض أو الاتفاق أو المساعدة :
ورد في (المادة الثالثة ) من النظام ما يلي :
يعاقب كل من حرض غيره، على ارتكاب أي من الجرائم المنصوص عليها في هذا النظام، أو اتفق معه، أو ساعده؛ إذا وقعت الجريمة بناء على هذا التحريض أو الاتفاق أو المساعدة، بما لا يتجاوز الحد الأعلى للعقوبة المقررة لها، ويعاقب بما لا يتجاوز نصف الحد الأعلى للعقوبة المقررة لها إذا لم تقع الجريمة الأصلية.
• عقوبة الشروع :
ورد في (المادة الرابعة ) من النظام ما يلي :
يعاقب كل من شرع في القيام بأي من الجرائم المنصوص عليها في هذا النظام بما لا يتجاوز نصف الحد الأعلى للعقوبة المقررة على الجريمة التامة.
• تشديد العقوبة :
ورد في (المادة الخامسة ) من النظام ما يلي :
لا تقل العقوبات المحكوم بها عن نصف حدها الأعلى -المقرر في هذا النظام- ولا تتجاوز ضعفه، وذلك في أي من الحالتين الآتيتين:
1. إذا ارتكبت الجريمة من خلال عصابة منظمة.
2. حالة العود.
• العفو :
ورد في (المادة الثامنة) من النظام ما يلي :
للمحكمة المختصة أن تعفي من العقوبات المنصوص عليها في هذا النظام كل من بادر من الجناة بإبلاغ السلطة المختصة بالجريمة قبل العلم بها وقبل وقوع الضرر، وإن كان الإبلاغ بعد العلم بالجريمة تعيّن للإعفاء أن يكون من شأن الإبلاغ ضبط باقي الجناة في حال تعددهم.
اخيرا نحن في شركة اسداء نقدم لكم محاميين خبراء في حقوق الملكية الفكرية وفي جميع القضايا والدعاوى وقضايا الالتماس والمخدرات بالاضافة الى محامي احوال شخصية وقضايا خلع وفسخ نكاح ومطالبة مالية واخلاء عقاري واستئناف ورفع دعوى طلاق ودعوى خلع بالاضافة الى قضايا الاجرام الكبيرة وفريق مختص من محاميين خبراء في توزيع الحصص وتسوية الشركات وقضايا التعويق والتأمية